#1
|
|||||||
|
|||||||
الرؤيا والحلم
الرؤيا والحلم-ضوابط ومسائل إن مسألة الرؤيا في المنام من المسائل التي تجلب أفكار الأفراد العاديين و العلماء إلى نفسها دائماً .. فما هذه الأحلام التي يراها الإنسان في منامه من صور سيئة أو رائعة، و ميادين موحشة أو مؤنسة، وما يثير السرور أو الغم في نفسه؟! أهي مرتبطة بالماضي الذي وجد عشّاُ في أعماق روح الإنسان و أظهر بعض التبديلات و التغييرات؟ أم هي مرتبطة بالمستقبل الذي تلتقط صوره عدسة الروح برموز خاصّة من الحوادث المستقبلية ؟! أو هي أنواع مختلفة ، منها ما يتعلق بالماضي ، ومنها ناتج عن الميول النفسية و الرغبات و ما إلى ذلك؟! إن القرآن يصرّح في آيات متعددة أن بعض هذه الأحلام - على الأقل - انعكاسات عن المستقبل القريب أو البعيد. في سورة يوسف نقرأ : ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين) فبعض هذه الحوادث كما كان في رؤيا سيدنا يوسف تحقق في وقت بعيد نسبياً " يقال أن رؤيا يوسف تحققت بعد أربعين سنة " و بعضها تحقق في المستقبل القريب كما في رؤيا عزيز مصر و لمن كان في السجن مع يوسف. الطريف أننا نقرأ عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم من كلامه عن الرؤيا في بعض الروايات قوله : ( الرؤيا ثلاث : بشرى من الله، و تحزين من الشيطان، و الذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه ). وواضح أن أحلام الشيطان ليست شيئاً حتى يكون لها تعبير، ولكن ما يكون من الله في الرؤيا فهي تحمل بشارة حتماً .. و يجب أن تكون رؤيا تكشف الستار عن المستقبل المشرق. وعلى كل حال .. سوف نبين هنا النظرات المختلفة في حقيقة الرؤيا، و نشير إليها بأسلوب مكثف و مضغوط . و التفاسير في حقيقة الرؤيا كثير و يمكن تصنيفها إلى قسمين هما: 1 - التفسير المادي 2 - التفسير الروحي يقول الماديون : يمكن أن تكون للرؤيا عدة علل: ألف - قد تكون الرؤيا نتيجة مباشرة للأعمال اليومية، أي أن ما يحدث للإنسان في يومه قد يراه في منامه. ب - و قد تكون الرؤيا عبارة عن سلسلة من الأماني التي تتحقق فيراها الإنسان في النوم كما يرى الظمآن في منامه الماء، أو أن إنساناً ينتظر مسافراً فيراه قادماً من سفر. ج - و قد يكون الباعث للرؤيا الخوف من شيء ما، و قد كشفت التجارب أن الذين يخافون من السارق يرونه في النوم. 2 - التفسير الروحي و أما فلاسفة الروح فلهم تفسير آخر للرؤيا، فهم يقولون : إن الرؤيا و الأحلام على أقسام: الف - الأطياف و الرؤيا المرتبطة بماضي الحياة و الرغبات و الأمنيات التي تشكل قسماً مهماً من الأحلام. ب - الأطياف غير المفهومة و المضطربة و أضغاث الأحلام التي تنشأ من التوهم و الخيال. ج - الأطياف المرتبطة بالمستقبل و التي تخبر عنه. و مما لا شك فيه أن الأحلام المتعلقة بالحياة الماضية و احتباس النفس و تجسّد الأمور التي رءاها الإنسان طوال حياته ليس لها تعبير خاص .. و مثلها الأطياف المضطربة أو ما تسمى بأضغاث أحلام التي هي نتيجة الأفكار المضطربة، كالأطياف التي تمرّ بالإنسان و هو في حال الهذيان أو الحمّى، فهي أيضاً لا يمكن أن تكون تعبيراً عن مستقبل الحياة. أما الأطياف و ( الرؤى ) المتعلقة بالمستقبل فهي على نحوين: قسم منها أحلام واضحة و صريحة لا تحتاج إلى تعبير .. و أحياناً تتحقق في المستقبل القريب أو البعيد دون أي تفاوت، و هي في منتهى العجب. و هناك قسم آخر من هذه الأحلام التي تتحدث عن المستقبل، و لكنها في الوقت ذاته غير واضحة ، وقد تغيّرت نتيجة العوامل الذهنية و الروحية الخاصة فهي تحتاج إلى تعبير. و لكل من هذه الأحلام نماذج و مصاديق كثيرة ، ولا يمكن إنكار جميعها ، وهي ليست مذكورة في المصادر المذهبية أو الكتب التأريخية - فحسب - بل تتكرر في حياتنا أو حياة من نعرفهم بشكل لا يمكن عدّه من باب المصادفات و الإتفاقات. إن الأحلام التي تكشف الحجب عن الأسرار و الحقائق المرتبطة بالمستقبل، أو الحقائق الخفية المتعلقة بالحاضر، هي أكثر من أن تحصر، وليس بمقدور بعض الأفراد الذين لا يعتقدون بهذه الحقائق أن يضعوا أصابع الإنكار عليها ... أو يحملوها على المصادفة و الإتفاق. و أخيراً .. من الدروس التي نستلهمها من هذا القسم من الآيات أن نحفظ الأسرار، و ينبغي أن يطبق حتى مع الأقربين ، فدائماً تقع في حياة الإنسان أسرار لو أذيعت لتهدّد مستقبله أو مستقبل مجتمعه بالخطر، والمواظبة على حفظ هذه الأسرار دليل على سعة الروح و تملك الإرادة، فكثير من ضعاف الشخصية أوقعوا أنفسهم أو مجتمعهم في الخطر بسبب إفشاء الأسرار. ( قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إنّ الشيطان للإنسان عدوٌ مبين ) و في هذا المجال ورد حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام إذ قال : ( لا يكون المؤمن مؤمناً حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، و سنة من نبيه ، و سنة من وليّه. فأما السنة من ربه فكتمان السر، وأما السنة من نبيه فمداراة الناس، و أما السنة من وليّه فالصبر على البأساء و الضراء). الرؤيا لها عدة تفاسير.. إن المؤمنين إذا أخذوا مضاجعهم صعد الله بأرواحهم إليه ، فمن قضى عليه بالموت جعله في رياض الجنة بنور رحمته ونور عزته وإن لم يقدر عليه الموت بعث بها مع أمنائه من الملائكة إلى الأبدان التي هي فيها . حقيقة الرؤيا : المؤمن يرى الرؤيه فتكون كمــا رآها وربما رآها ،، فلا تكون شيئا . إن المؤمن إذا قام خرجت من روحه حركة ممدودة إلى السماء ، فكل ما تراه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير والتدبير فهو الحق ، وكل ما تراه في الأرض فهو أضغاث أحلام . لا تصعد الروح للسماء لو خرجت كلها حتى لا تبقى منها شئ إذا لمات ،، اذا كيف تخرج ؟؟ أما ترى الشمس في السماء في موضعها ، وضوئها وشعاعها في الأرض فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة . هناك ثلاثة أقسام للرؤيا : 1 _ بشارة. 2 _ تحذير. 3 _ اخبار. سؤال / ما معنى قوله [صلى الله عليه وسلم ] في الحديث ما صحة هذا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا تَقُصَّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ أَوْ ذِي رَأْيٍ)) رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه ومسند احمد وقال الحاكم (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بالزيادة) ؟ جواب / هذا الحديث صحيح المصححون لهذا الحديث: - الحديث صححه الترمذي في جامعه. - وصححه ابن حبان في صحيحه. - وذكر الزركشي في اللآلي المنثورة أن ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح أيضًا صححه على شرط مسلم، والحديث موجود في الاقتراح 119 لكن في القسم السابع يعني الأحاديث التي صححها بعض الأئمة وليست من شرط الشيخين، وقال ابن دقيق بعد الحديث: "أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه". وحسن الحافظ ابن حجر في الفتح إسناد الترمذي وابن ماجه. - وصححه السيوطي في الجامع الصغير. - وذكره الفتني في تذكرة الموضوعات، ورد عليه السوكاني في الفوائد المجموعة بقوله: "وقد أخرجه الترمذي وصححه ، فلا وجه لذكره في كتاب الموضوعات : كما فعل ابن طاهر". - وصححه أيضًا محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه، وفي صحيح الجامع الصغير. صححة الألباني في صحيح أبي داود وصحيح ابن ماجة وقال الأرناؤوط في تعليقه على الحديث في المسند (( حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. وكيع بن عُدُس، انفرد بالرواية عنه يعلى بن عطاء: وهو العامري، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، وقال ابن قتيبة: غير معروف، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. وقد اختلف في اسم أبيه، فرواه هشيم وشعبة: عُدُس، بالعين، ورواه حماد بن سلمة: حدس بالحاء، واختلف أيهما لصواب، فقال أحمد: حدس هو الصواب، كما سيأتي عقب الرواية رقم (16189) ، وقال الترمذي: عدس هو الأصح، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه مختصراً أبو داود (5020) - ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (4766) - عن الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/50- ومن طريقه ابن ماجه (3914) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1473) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (464) - وابن حبان (6050) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (461) من طرق عن هشيم، به. وسيأتي بالأرقام (16183) و (16191) و (16195) و (16197) و (16205) . وقوله: "الرؤيا على رجل طير ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت". له شاهد من حديث أنس عند الحاكم 4/391 من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله، فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً" وصحح إسناده، ووافقه الذهبي. قلنا: وفي اتصاله وقفة، فهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (20354) مرسلاً. وآخر من حديث عائشة- عند الدارمي 2/131 بسند حسنه الحافظ في "الفتح" 12/432- قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر، يختلف - يعني في التجارة- فأتت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إن زوجي غائب وتركني حاملاً، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلاماً أعور. فقال: "خير، يرجع زوجك إن شاء الله صالحاً، وتلدين غلاماً براً" فذكرت ذلك ثلاثاً، فجاءت ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غائب، فسألتها فأخبرتني بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك، وتلدين غلاماً فاجراً، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا، فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها". وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن عطاء: كان يقال: الرؤيا على ما أَوَّلت. وقوله: "الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" له شاهد من حديث أبي هريرة، سلف (7183) بإسناد صحيح، وذكرنا هناك أحاديث الباب، وانظر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف برقم (7044) . وقوله: "لا يقصها إلا على وادّ أو ذي رأي". له شاهد من حديث طويل لأبي هريرة عند الترمذي (2280) ، والدارمي 2/126، ولفظه عند الترمذي "لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح" وقال: هذا حديث حسن صحيح، قلنا: وسيأتي بنحو هذا اللفظ في الرواية رقم (16183) . قال السندي: قوله: "على رجل طير"، بكسر الراء: أي كأنها معلقة برجل الطير. قيل: هذا مَثَلٌ، والمراد أنها لا تستقر قرارها ما لم تعبر، فإن الطير في غالب أحواله لا يستقر، فكيف ما يكون على رجله؟ قوله: "ما لم تعبر"، على بناء المفعول: من عبر كنصر، ويجوز التشديد. وقوله: "جزء.. إلخ": حقيقة التجزؤ لا تُدْرى، والروايات أيضاً مختلفة، والقدر الذي أريد إفهامه هو أن الرؤيا لها مناسبة بالنبوة من حيث إنها اطلاع على الغيب بواسطة الملك إذا كانت صالحة. قوله: "لا يقصها": أي: الرائي، أي: لا ينبغي له أن يقص. قوله: "إلا على وادّ"، بتشديد الدال: أي محب للرائي ليعبرها بأحسن عبارة ومعناه : أن الرؤيا إذا كانت محتملة وجهين ، فعُبّرت بأحدهما وقعت على قرب تلك الصفة . قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني تعليقا على الحديث :الحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما ُتعبر، ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم أو محب ؛ لأن المفروض فيهم أن يختاروا أحسن المعاني في تأويلها ؛ فتقع على وفق ذلك ، لكن مما لا ريب فيه أن ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا ولو على وجه ،وليس خطأ محضا ، وإلا فلا تأثير له حينئذ والله أعلم . وهل إذا لم تفسر الرؤيا (وأقصد الرؤى المحزنة التأويل) لن تقع ؟ روى أبو رزين العقلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا جزء من أربعين جزءا من النبوة والرؤيا معلقه برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت فلا تحدثوا بها إلا عاقلا أو محبا أو ناصحا. أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ولماذا لا يفسر المعبر الرؤيا التى ظن أن لا تعبير لها سوى ذاك الأمر المحزن الذى يظنه؟ حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال حدثنا أبو التياح سمعت أنس بن مالك يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا" أخرجاه في الصحيحين والمعبرون يقتدون بالنبي الكريم الذي لا يوجد في الصحاح تعبير قاله النبي الكريم إلا وكان فيه خيرا وماذا وقد فسّر نبى الله يوسف عليه السلام رؤيا أحد صاحبيه بالسجن أنها تدل على موته بل ووصف له موته أيضا يوسف عليه السلام عدل عن تعبير الرؤيا لأنه عرف أنها ضارة لأحدهما فأحب أن يشغلهما بغير ذالك لئلا يعاودوه فيها فعاودوه فأعاد لهم الموعظة وفي هذا الذي قاله نظر لأنه قد وعدهما بتعبيرها. وهذا قول أبن جرير وكذا مِن بعده تفسير ابن سيرين الرؤيا التى وردته بأنها دلالة على موته هو شخصيا بعد أيام .. من هذا الحديث عن أبن شهاب قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: "يا أبا بكر، رأيت كأني استبقت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف" فقال أبو بكر معبرا الرؤيا يا رسول الله يقبضك الله إلى رحمته ومغفرته وأعيش بعدك سنتين ونصفا قال ابن قتيبة في (تأويل مختلف الحديث): قالوا: كيف تكون الرؤيا على رجل طائر؟ وكيف تتأخر عما تبشر به أو تنذر منه بتأخر العبارة لها، وتقع إذا عبرت؟ وهذا يدل على أنها إن لم تعبر، لم تقع. ونحن نقول: إن هذا الكلام خرج مخرج كلام العرب وهم يقولون للشيء إذا لم يستقر: هو على رجل طائر، وبين مخاليب طائر، وعلى قرن ظبي. يريدون: أنه لا يطمئن ولا يقف وكما يسقط الشيء الذي يكون على رجل الطائر بأدنى حركة وهذا تشبيه تمثيلي وكذلك الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، يراد أنها تجول في الهواء حتى تعبر، فإذا عبرت وقعت. يقول الله عز وجل: {إن كنتم للرؤيا تعبرون} يريد: إن كنتم تعلمون عبارتها. وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: (باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب) وأسند تحته قصة أبي بكر في تعبيره لرؤيا الظلة التي تنطف السمن والعسل، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أصبت بعضا وأخطأت بعضا. قال ابن حجر في (فتح الباري): أشار البخاري إلى تخصيص ذلك بما إذا كان العابر مصيبا في تعبيره، وأخذه من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في حديث الباب: "أصبت بعضا وأخطأت بعضا" فإنه يؤخذ منه أن الذي أخطأ فيه لو بينه له لكان الذي بينه له هو التعبير الصحيح، ولا عبرة بالتعبير الأول. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 41751، 54700، 48547. فمن هذا الحديث دل ايضاً على وقوع التفسير الصائب وليس الخاطئ. فالصائبة اي اذا عبرها صاحبها التعبير الصحيح يقال له إن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها , ويقال له ايضاً الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت, والخاطئ في بعضها يقال له اصبت بعضاً واخطأت بعضاً. وعن عائشة قالت : كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف ـ يعني في التجارة ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت: إن زوجي غائب وتركني حاملاً، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلاما أعور ، فقال : خير! يرجع زوجك إن شاء الله صالحاً ، وتلدين غلاماً براً ، فذكرت ذلك ثلاثاً، فجاءت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب، فسألتها ، فأخبرتني بالمنام، فقلت : لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك ، وتلدين غلاماً فاجراً، فقعدت تبكي ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: مه يا عائشة! إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير؛ فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها)) (حديث حسن ـ ابن حجر العسقلاني ـ فتح الباري ـ شرح الحديث 7046). هذا الحديث دل على امرين .. الامر الاول ان الرؤيا قد حان قدرها ,وما كان تدخل عائشة الا مجرد سبب لوقوع القدر , وكذلك في عدم وجود المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فما كان حضورها في غيابه الا مجرد سبب لوقوع القدر ولا راد لقدره سبحانه تعالى . سواء عبرت الرؤيا او لم تعبر فالرؤيا واقعه لا محالة . اما في قول البعض بأن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يعطي المراة التفسير الصحيح فهذا خطأ يقع فيه من لا يعي ذلك, فتأمل قول الله عز وجل : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}., فرده عليه الصلاة والسلام لا ينطق به من هوى نفسه وانما هو وحي يوحى له , وما كان رده على المرأة الا وحي من الله سبحانه تعالى لتبشيرها في حينها بعودة الزوج سالماً ,اي الرؤيا لم يحين قدرها ولم يخطىء الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في ذلك بدليل عودة الزوج سالماً في كل مرةً تسأل عن تفسيرها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. والامر الثاني فعائشة ايضاً لم تخطىء في التفسير فسارية البيت فعلاً تدل على زوجها لانه اساس البيت وعماد البيت , و رد رسول الله على عائشة ليس لرد القدر ولكن لانها عبرت الرؤيا بالجانب السيئ فلقد كان يجب تحميل الرؤيا على الخير. س: يتسائل البعض كيف تحمل الرؤيا على الخير وهي ليست بالخير فلتبسيط المعنى يجب على المعبر ان يتحرى لكي يحمل الرؤيا على الخير قدر الامكان او يلقيها بطريقة محببة للنفس وكمثال لتوضيح الطريقة المحببة ( يحكى أن أميراً رأى رؤيا مزعجة فدعا بمن يٌعبرها له ، فقال له احدهم : ان تفسيرها أنها ستموت أسرتك كلها . فغضب الملك و أمر به فجلد عشر جلدات و طرد ، و دعا بآخر ... فقال له : أيها الأمير إن تعبير رؤياك واضح أنك أطول عمراً من أسرتك كلها . فسٌر الأمير و أمر أن يٌعطى عشرة دنانير) . فتأمل كلاً من التعبيرين فكلاهما فسر الرؤيا بنفس المعنى ولكن الأخير صاغها في معنى جميل محبب للنفس فعرفت طريقها لقلب الأمير .. و الأول رماها في وجهه مجردة من الذوق فأستهجنها. وفي قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام : " الرؤيا على رجل طائر فإذا عبرت وقعت " فلا تنظر للحديث بلا تمعن فعبرت أي بمعنى يعبرها صاحبها الذي يعلم عبارتها فالمقصود من كلمة (عبرت) اي التفسير الصحيح سواء عبر بخير او بشر.فالرؤيا التي تفسيرها صحيح قد تقع وذلك اذا اراد ربنا وقوعها فتقع ومن احدى دلائل معرفة وقوعها هو عندما يصادف قدرها فتفسر بالتفسير الصحيح لها ! فيقول جل جلاله إن كنتم للرؤيا تعبرون ) فالمقصود هو إن كنتم تعلمون عبارتها . وذلك من حيث تناسق التفسير مع الرؤيا اي التفسير الصائب , ولا يقع التفسير الخطأ لانه لم يرد أنّ كل من عبّرها من الناس وقعت كما عبَّر فالرؤيا يقع تعبيرها إذا عبَرها من أصاب ، لا من أخطأ . وكمثال للتوضيح فهي كمثل مصادفتك للمفتاح الصائب لباب مطل على القدر من بين عدة مفاتيح خاطئة , ولا تظن انك بعدم فتحك للباب سترد القدر فالقدر واقع لا محالة ولكن وقوعه سيكون اهون عليك من معرفتك القدر قبل وقوعه , وقد يصادف جاهلاً في التعبير فيلتقط بالمصادفة المفتاح الصحيح للرؤيا فيلقيه على مسامعك فيصيبك الهلع مرتين ؛ مرة عند سماعك للتعبير ومرة عند وقوع التعبير وكل ذلك بقدر من الله سبحانه تعالى الهمك تسأله والهمه يجيبك , وكذلك لا تلقيها على عدواً فيصيبك ايضاً الهلع مرتين ؛مرة عند سماع التعبير ومرة في استمرار الترقب لوقوع التعبير ولهذا ينصح بأن لا تعرض رؤياك على جاهلا ولا عدواً بل القيها على من تحب وعلى من تثق بعلمه اي عالماً او ناصحاً وذلك ليس لرد القدر وانما ان كانت خيراً بشرك به وان كانت شراً نصحك بما يكفيك شرها. منقول للامانة ابو مريم
ردك عبارة عن صورة طبق الاصل من شخصيتك
|
02-15-2015, 11:43 PM | #2 |
|
زادكم نورا وعلما وبارك الله فيكم جهودكم مباركه
وجعله في ميزان حسناتك |
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|